وتطرق المقال إلى تفسير قوله تعالى في الآية الثانية والستين من سورة البقرة: “إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين” من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون». يواجه الكثير من الأفراد صعوبة في فهم المعنى الدقيق لهذه الآية، مما يتطلب تقديم تفسير شامل لها. تابعونا في هذا المقال الذي سيزودكم بكل التفاصيل اللازمة.
معنى الآية وآراء أهل العلم
معنى الآية وآراء أهل العلم
ويشير تفسير ابن كثير لهذه الآية إلى أنها نزلت بعد نقاش بين سلمان الفارسي والنبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكانتهما الدينية. وأشار سلمان إلى أن هؤلاء الناس مارسوا الصيام والصلاة وآمنوا بنبوته، مما أدى إلى مدح النبي لهم. ولكن بعد انتهاء الحديث أخبره النبي أنهم من أهل النار، مما أدخل الحزن في قلب سلمان. ولذلك نزلت هذه الآية لتوضيح حقيقة موقفهم.
تفسير ابن كثير للآية
تفسير ابن كثير للآية
- ويشير ابن كثير إلى أنه كانت هناك أمم متعددة عاشت قبل بعثة النبي محمد، لكنهم آمنوا برسالة سيدنا موسى وامتثلوا لشرائعه.
- وعندما جاء سيدنا عيسى عليه السلام آمنوا برسالته، وميلهم إلى التمسك برسالة موسى، معتمدين على نبوة الرسول القادم، آمنهم من الظلم.
- وأما من أصر على مخالفتهم وكره نبوة محمد فهو من الخاسرين في الآخرة، ونسأل الله السلامة.
- لا يوجد تعارض بين الآيات، فهذه الآية لا تتعارض مع ما جاء في سورة آل عمران: “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ”. “.
من هم اليهود والنصارى والصابئة؟
من هم اليهود والنصارى والصابئة؟
أولاً: اليهود
أولاً: اليهود
- واليهود هم الذين آمنوا بموسى، ودينهم تابع للتوراة.
- وهذه الكلمة تحمل دلالات مختلفة، وتعود إلى يهوذا بن يعقوب عليه السلام.
- ويعتبرون في بعض الآراء ملتزمين بالتقاليد الدينية المنصوص عليها في كتابهم المقدس.
- والذين آمنوا برسالة موسى ورجال عيسى هم الذين تمسكوا بإيمانه.
- هؤلاء الناس لا يعتبرون من أتباع النبي الذي يسجل الإيمان في مجمل رسالاتهم.
ثانياً: المسيحيون
ثانياً: المسيحيون
- وهو يمثل النصارى الذين آمنوا بعيسى عليه السلام.
- وقد أطلق عليهم هذا الاسم نسبة إلى قول الوحي: “من أنصاري إلى الله؟”، حيث قال الحواريون: “نحن أنصار الله”.
- والنصارى في هذه الآية هم الذين أعرضوا عن نبوة محمد ولم يعيشوا في عصره.
- لقد انبهروا بفكرة مجيء رسول بعد يسوع، كما جاء في الكتاب المقدس.
- أي أنهم كانوا على علم بنبوة رسول الله محمد، لكن لم تتح لهم فرصة الإيمان به في حياته.
الثالث: الصابئة
الثالث: الصابئة
- والصابئة طائفة لا تتبع ديناً واضحاً، وقد يكون فيهم بعض المجوس، واليهود، والنصارى.
- ويقال: إن بعضهم عبد الملائكة واقتصرت عبادتهم على الخشوع.
- كما أنهم يؤمنون بوجود إله واحد، ولكن ليس لديهم كتب مقدسة أو أنبياء مرسلين.
- ويزعمون في بعض الروايات أنهم يتبعون مبدأ: “لا إله إلا الله” دون ديانات محددة.
تفسير الشيخ الشعراوي للآية
تفسير الشيخ الشعراوي للآية
- ويصف الشيخ الشعراوي الآية بأنها تتعلق بفترة ما قبل بعثة النبي محمد، حيث كان الإيمان فطريا، كما كان الحال مع الأنبياء قبله.
- ويشير إلى أن إيمان هؤلاء السلف يعني ضمنا أنهم آمنوا بالله قبل نزول الأديان السماوية.
- أما اليهود فهم أتباع موسى الذين آمنوا برسالته.
- وكان الصابئة أتباع إبراهيم، ولكنهم اتبعوا بعض التعاليم المخالفة.
- المسيحيون هم الذين التقوا بالمسيح وآمنوا برسالته.
- وتؤكد الآية أن الإسلام هو تجسيد للأديان السماوية الأخرى.
- أولئك الذين آمنوا وتوقعوا وصول الإسلام كان لهم منهج خاص في ضمان السلامة في الآخرة.
- أما الذين أصروا على عدم اتباع نبوة محمد فسوف يواجهون العذاب.
- ومن مات قبل الإسلام وكان ينتظر قدومه لم يضيع الله أجره في الآخرة.
- وقد فضل الصابئة التفسير على النصارى لأسباب تاريخية.
وبهذا التفسير يتجلى عدالة الله تعالى الذي يضمن للناس حقوقهم، وينصر عباده بما يستحقون، فلا يخسر أحد عنده شيئًا مهما كان بسيطًا.